Sunday 22, Dec 2024

الجراحة التجميليّة.. لإرضاء مَن؟؟

أكثر من مجرّد جراحة او عمليّة، تستجيب الجراحة التجميليّة لرغبة دفينة عميقة بالتحوّل.. وعليه، ثمّة دوافع وأغراض تكمن خلفها، فلا نتسرعنّ في اتّخاذ القرار قبل دراسة كلّ الاحتمالات: لمَ قد نخضع لإزالة او إضافة او تصحيح او تعديل جزء او اجزاء منّا؟ لإرضاء مَن..؟ فقط لراحتنا الخاصّة او لنيل رضى واستحسان الآخرين..؟؟
 
رحلة نحو الهويّة الشخصيّة..
طفلة "فظيعة" للجراحة العاديّة، العملية الجراحية التجميلية تذهل، تبهر، تجتذب ولكنّها تخيف.. في عالمنا الإعلاميّ بامتياز حيث "نحن ما نبدو عليه" وليس ما نحن عليه بالفعل، تذهب الجراحة التجميلية الى ابعد من إنقاذ "المظاهر"، لا بل تنفّذ تحوّلاً جسدياً ونفسياً ورمزياً حقيقياً، ضمن إطار ضغط اجتماعيّ حيث يجب علينا دوماً أن نبدو أكثر شباباً، أكثر جمالاً واكثر مطابقة لصيحات الجمال والموضة. بيد أنَّ جراحة المظاهر هذه تنقّب في عمق الماضي العائليّ، صورة الذات، والهويّة الشخصيّة... المسار معقّد للغاية فالفارق ضخم بين تصحيح شائبة ما وبين تنفيذ التحسين. جراحة التجميل هي قصّة الشخص وغالباً ما تربط الى نظرة الأمّ. فثمّة سيّدات لم يتخطّين حتى اليوم عدم رضى الوالدة عن مظهرهنّ! وبالتالي، فقد تمُتّ محاولة التجميل الى العلاقة بين الأمّ وابنتها. 
حسب الطلب وحسب جزء الجسم المعنيّ، إن كنّا نتمنّى التصحيح او التحسين، تختلف الدوافع. مثلاً: جراحة تجميل الصدر قد تكون ناجمة عن نقص في هويّة المرأة الأنوثيّة. وهنا، ترتكز متعة إجراء الجراحة على الذات بالكامل. وكذلك الأمر بالنسبة لجراحة شفط الدهون. عدا عن مجيء العديد من النساء ما بعد الحمل، لاستشارة جرّاح و/او اختصاصيّ التجميل، بهدف تحسين مظهر بطنهنّ المتشقّق، إلخ.. فهنّ يردن استعادة جسم مقبول ولا يفتقر الى الأنوثة. 
 
الدافع خلف تجميل الأنف.. 
حسب علماء النفس، الأنف مربوط ارتباطاً وثيقاً بهويّة الشخص وأسرته. ربّما نكره انفنا لأنّه يشبه انف الوالد الذي لم نحبّه كثيراً، او ايضاً لأنّه مربوط بانتماء عرقيّ نسعى الى إخفائه. في كلّ الأحوال، تمنحنا الحركة الجراحيّة، إذناً جماليّاً، ورمزيّاً: "أنتَ (او أنتِ) تستطيع"، وهنا، تتّخذ قيمة الحركة التصحيحيّة او المبلسمة لجرح نرجسيّ النوع (عاشق نفسه). يقول الخبير: "ثمّة صورة فضلى عن الذات، والتي تأخذ بعين الاعتبار ما كان الشخص عليه سابقاً، ما يريد ان يكون، وما يمكنه ان يكون بدون الاستسلام لنزوة الكمال. إذاً، ضمن مبادرة الجراحة التجميلية، يطلب الشخص من طبيبه الجرّاح، السماح له بمطابقة هذه الصورة الفضلى. 
يجب إرضاء الذات وليس الغير..
احياناً، قد يلحظ المحيط تبدّلاً وإنّما لا يستطيع تحديده بوضوح. بالمقابل، لا يستطيع الفرد الانفصال عن المجموعة وبالتالي، يدعّم المحيط عمليّة إعادة بناء الهوية الفرديّة عبر تأثير المرآة. ولكن، ما قوّة تأثير المقرّبين؟ بالنهاية، ما خلا بعض الاستثناءات، لا دور حاسم لها. قد تلعب نظرة الآخر دوراً "محفّزاً" في اتّخاذ القرار، بيد أنَّ معظم النساء كما الرجال يقرّرون الخضوع للجراحة من أجل ذواتهم. قد يحدث وإنّما ذلك نادر، أن يتّخذ القرار إرضاءً لطلب الآخر سواء كان الشريك او الحبيب او الوالدة في حالة المراهقات... هنا، تؤكّد التجربة بأنَّ الشخص قد يتعرّض لخيبات أمل او عدم رضى على الأمد البعيد، حتّى ولو نجحت الجراحة على الصعيد التقنيّ. إذاً، من المهمّ للغاية أن يأتي الطلب من الذات وللذات. متى أجريت الجراحة وزالت آثارها، متى توصّلنا الى النتيجة النهائية، يتمّ التصحيح وأحياناً يكون الأمر بمثابة ولادة جديدة. إنَّ تحسين صورة الذات تعيد نوعاً من الثقة بالنفس، والذي قد يرتدّ ايجاباً على العلاقات مع الآخرين وبدوره يساهم في تحسّن تقدير واحترام الذات. 
 
"أشعر بمزيد من الأنوثة والسحر.." 
بعد الخضوع لعمليّة شفط الدهون، ها ندى تؤكّد: "الآن، احبّ جسدي أكثر إذ اراه يستعيد تناغمه لا بل اشعر بارتياح كبير ومزيد من الرضى، وهذا ما يدفعني اليوم لمراقبة نظامي الغذائي بدقّة وحتّى الآن، نجحت في خسارة 6 كيلوغرامات من الوزن. محيطي؟ منذهل! وامّا انا فأشعر بأنّني أكثر جمالاً وانوثة.." 
 
ويبقى امر اتّخاذ القرار ام لا، وقفاً على كلّ شخص ومكنونات ذاته.. سواء كان ناجحاً ام لا، دعونا لا نتّخذه الاّ بعد التفكير مليّاً حول جدواه ولإرضاء ذاتنا فقط ولا أحد سوانا..! 
  • عنوان: الجراحة التجميليّة.. لإرضاء مَن؟؟
  • منشور من طرف:
  • تاريخ: 12:49 AM
  • العلامات:
Top