Sunday 22, Dec 2024

من قال بأنَّ الزبدة المطهوّة ضارّة..؟؟

عوضاً عن حظر استهلاك الزبدة المطهوّة بالكامل، من الأفضل أن نتحدّث عن استعمال و/او استهلاك معتدل ومدروس.. هذا ما خلص اليه خبراء الأبحاث الغذائية والعلوم الغذائية والصحّية في المجال.. فهل كنّا نتّهم الزبدة جزافاً كلّ هذه الأعوام؟؟  

معادلة كيميائية مشكوك بها؟

في الواقع وإن أردنا إيلاء الموضوع كلّ حقّه، فعلينا بالمزيد من التوضيح حول الزبدة الساخنة او المطهوّة: المواد الشديدة التسكِّر (AGE) والتي تنجم عن تسخين الزبدة تحت تأثير ما يعرف بتفاعل "مايار" او Maillard reaction والتي تعتبر المسؤولة عن احمرار او اسمرار الأطعمة، وإنّما هي موجودة بكميّة جدّ ضئيلة في الزبدة المسخَّنة او المطهوّة. لهذا السبب تحديداً، توافق معظم الخبراء على المبدأ القائل بإمكانيّة استهلاك و/او استعمال الزبدة المطهوّة في تحضير الأطباق، بكلّ اعتدال.. 

حتى اليوم، كان الاختصاصيّون ليسلّموا بالمفهوم التالي: عندما يتمّ تسخين اطعمة تحتوي على البروتينات والسكّر، تنتج ردّة فعل كيميائية: هي ما يعرف بتفاعل "مايار". إذ تمَّ اكتشافها منذ 100 سنة ونيّف، ردّة الفعل الكيميائية هذه والتي تربط البروتينات الى السكّريات، تُنتِج احمراراً او اسمراراً (نوعاً من الحرق) وتحرِّر نكهات جدّ شهيّة ومحبَّبة ( موجودة في قشرة الخبز، البسكويت، اللحم المشوي، البطاطس المقليّة، حبّات القهوة او الشوكولاته المحمَّصة). وإنّما لسوء حظّنا، هي تنتج ايضاً مركّبات متّهمة بالمساهمة في تسبيب الأمراض السرطانيّة وفي تسريع هَرَم الخلايا.  وعليه، للتحقّق ما إذا كانت الجزيئات التي تتكوّن خلال تسخين او طهو الزبدة، مضرّة بالصحّة، عمد فريق من الباحثين الفرنسيين الى اختبار وقياس مركّبين هما الأساس في تفاعل "مايار": ال CML وال HMF. قد اختبر الفريق عيّنات من زبدة الشتاء وزبدة الصيف (اصناف غنيّة بالأحماض الدهنية غير المشبعة) وايضاً عيّنات من مواد دهنيّة صافية (زبدة منقّاة)، مشتقّة عن هذين النوعين من الزبدة والخاليين من البروتينات، من السكّر والماء. وقد تمّت دراسة 5 شروط طهو لكلّ عيّنة: بلا طهو (العيّنة الشاهدة)؛ عمليّتا طهو على حرارة 150 درجة مئوية من 3 و  6 دقائق، في مقلاة مسخَّنة مسبقاً؛ عمليّتا طهو على حرارة 180 درجة مئوية من 45 دقيقة ومن دقيقة ونصف، في مقلاة مسخَّنة مسبقاً. مع العلم بأنّ وقت الطهو الأوّل يطابق الوقت الذي ينتج خلاله الاحمرار او الاسمرار. وقد عمد الباحثون الى مضاعفة هذا الوقت وذلك لاختبار شروط قصوى في الطهو.   

هل الأمر وقف على مدّة وحرارة الطهو؟

تحتوي الزبدة غير المسخّنة على كمية جدّ ضئيلة من ال CML ولا تحتوي ال HMF على الإطلاق. امّا المادّة الدهنية الصافية وسواء تمَّ تسخينها ام لا، فهي لا تتضمّن لا CML ولا HMF. بالفعل، تفاعل "مايار" ليس ممكناً في هذه الحالة، كون المادّة الدهنية لا تحتوي لا على بروتينات ولا على سكّريات. عندما يتمّ تسخين الزبدة حتى اسمرارها، تزداد كمية ال CML وذلك بغضّ النظر عن الحرارة او مدّة الطهو. امّا ال HMF، فتزداد تناسبياً مع مدّة الطهو. بيد انّ الخبراء قد أظهروا ضآلة هذه الزيادات: ما دون ال 3% من مجموع الليزين يتحوّل الى CML وما دون ال 3% من السكّر يتحوّل الى HMF. علماً بأنَّ الراشد يستهلك حوالى 5 ملغ من ال CML و10 ملغ من ال HMF في اليوم. إذاً، تأتي حصّة واحدة ، اي20 غ من الزبدة المسخّنة على حرارة 150 درجة مئوية لمدّة 3 دقائق، ب0.06 ملغ من ال CML، اي ما يعادل 1.2% من مجموع ال CML التي تزوّد بها التغذية اليومية. في حين تؤمّن 1.02 ملغ من ال HMF، اي ما يعادل 10% من مجموع ال HMFالذي تزوّد به التغذية.  وعندما نتبيّن بأنَّ متوسّط استهلاك الراشدين من الزبدة يبلغ حوالى 11 غ في اليوم، فمن الممكن أن نطمئنّ. وبالتالي، حسب الدراسة المذكورة، وضمن شروط استعمال سليمة وعاديّة، من الممكن أن نسمح لأنفسنا بطهو بعض الأطعمة بالزبدة... وهذا خبر جدّ سارّ لهواة هذا النوع!!   

بعض المراجع:
دراسة INCA2 (الدراسة الفردية الوطنية للاستهلاكات الغذائية 2)

  • عنوان: من قال بأنَّ الزبدة المطهوّة ضارّة..؟؟
  • منشور من طرف:
  • تاريخ: 12:11 AM
  • العلامات:
Top